dimanche 7 juin 2009

الأمازيغية والسلطة / رشيد الحاحي ينتقد إستراتيجية الهيمنة

صدر هذا الأسبوع كتاب جديد للأستاذ الباحث رشيد الحاحي تحت عنوان: "الأمازيغية والسلطة، نقد إستراتيجية الهيمنة"، وذلك عن منشورات وجهة نظر الرائدة التي يديرها المناضل والباحث المغربي عبد اللطيف حسني. يتضمن الكتاب ستة فصول تتناول تحليل السلطة الثقافية ونقد الخطاب الفكري بالمغرب في علاقته بالأمازيغية، واللغة والسلطة والصراع الرمزي، ومستقبل الأمازيغية بعد تأسيس المعهد الملكي، وكذا أسئلة الشأن العام. والكتاب عبارة عن قراءة نقدية في الاختيارات التي اعتمدتها الدولة المغربية وبعض الأطراف السياسية والاجتماعية الأخرى في سن وتدبير السياسة الثقافية والهوياتية والاجتماعية منذ بداية القرن العشرين، وما آل إليه ذلك من وضع مختل همشت فيه الأمازيغية لتحتل وضعية دونية في الحياة الثقافية والفضاء الاجتماعي الوطني. وقد حلل الكاتب علاقات السلطة وإستراتيجية الهيمنة التي اعتمدت في تشكيل تمثلات المواطنين ومواقفهم السلوكية والإيديولوجية، وإفراز الوضع المتأزم الذي ما لبتت تعاني منه هذه اللغة والثقافة والشرائح الاجتماعية المنتمية إليها،موظفا مقولات ومفاهيم من الفكر الحديث،خاصة كتابات مشيل فوكو وجيل دولوز وبيير بورديو وجلبير دوران. "فقد كانت السلطة السياسية ذكية في اختيار كيفية بسط هيمنتها من خلال التوظيف الفعال للأجهزة الإيديولوجية للدولة ، والتحكم في إنتاج الأفكار والاعتقادات والمتمثلات والقيم...، حتى أنها لم تلتجئ إلى العنف المباشر في موضوع إقصاء الأمازيغية وإخضاع الأمازيغ إلا في حالات معدودة ، لأنها وعت جيدا أن الوجود الأمازيغي هو متجدر ومنتشر ودو مشروعية لا تقاوم ، على المستوى التاريخي والاجتماعي والإنسي، مما يستحيل معه إقصاءه القمعي والمادي، حيث الرهان على خيار الهيمنة الثقافية والرمزية عبر إيديولوجية تحريفية، راهنت على الزمن لتفعل فعلها في البشر عبر مسلسل يفلت من أيديهم"ص 6/7. وقد اعتبر الكاتب إقصاء الأمازيغية نتيجة ومفعولا لاختيارات وأدوات وفاعلين عديدين ، يحتل المثقف والخطاب الفكري نصيبهما فيها، إما دعما وتنظيرا وتبريرا، أو سكوتا وتواطؤا. وهذا ما قاده إلى إجراء حوار نقدي رصين وممتع مع بعض المفكرين المغاربة في علاقتهم بالأمازيغية وأبعادها الهوياتية والثقافية الوطنية. فتناول أطروحة الدكتور عابد الجابري متسائلا عن "محل المغربي من العربي في نقد العقل العربي"،كما تناول سؤال التعدد والاختلاف عند الراحل عبد الكبير الخطيبي ،وطارح الدكتور عبد الله العروي انطلاقا من موقفه من الثقافة الشعبية،إضافة إلى حوار هادئ مع بنسالم حميش ومواقفه السجالية من خطاب الحركة الامازيغية ،إضافة إلى قراءة في كتابات أحمد بوكوس. وقد تناول الكتاب أيضا في أحد فصوله سؤال مستقبل الأمازيغية بين ايديولوجية الإدماج ويوتوبيا الانغلاق، منتقدا سياق تأسيس المعهد المكي للثقافة الامازيغية والأخطاء التي أدخلت الخطاب الاحتجاجي الأمازيغي في متاهة الانقسام والعماء الإدماجي حيث خلص الكاتب إلى ضرورة "تقوية الموقع الاحتجاجي والإنتاجي والتفاوضي للصوت الأمازيغي، وذلك بتفعيل مسارات عمله النضالي والثقافي والعلمي بشكل تكاملي، وبتطوير كفاءته وإمكانه الاستراتيجي في تأزيم اختلالات ورهانات النظام السياسي وفرقائه في علاقتهم بالامازيغية" ص 202. وبعد أن انتقد الأستاذ رشيد الحاحي موضوع إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين،وما يعتريه من تردد ولامبالاة، وتناول إدماجها في الحياة الثقافية والفضاء الإعلامي، قدم تصوره لأفق المصالحة الممكن والكفيل بإعادة الاعتبار للامازيغية وتبوئيها مكانتها العادلة في مغرب المستقبل، فدعا إلى تعاقد وطني حول الأمازيغية يبدأ بتقديم الدولة لاعتذار عن إبادتها الثقافية للأمازيغية والتنصيص على رسمية اللغة الأمازيغية وتغيير الفقرات التي تتنافى وأمازيغية المغرب في الدستور المرتقب. يشار أيضا بان وجهة نظر أصدرت العدد41/42 من مجلتها المحكمة خصصت ملفه للتاريخ المزور، ومن بين مواد هذا العدد القيم دراسة للأستاذ رشيد الحاحي حول الامازيغ وتاريخ المغرب فضح خلالها العديد من المغالطات والأساطير التي يؤسس عليها التاريخ الرسمي روايته ،حيث كتب" إن تاريخ المغرب لم يبدأ مع مجئ إدريس الأول، ولا مع بناء فاس أو سقوط الأندلس، ولا حتى مع نزول الفينيقيين على سواحل تامازغا. و كل التواريخ والمعلومات التي يقدمها التاريخ الرسمي، وتحفل بها كراسات التاريخ المدرسي، وحفظها المغاربة عن ظهر قلب، فهي تهم تاريخ السلطة والحكام والعائلات والسلالات التي تعاقبت على ارض مراكش[1]. أما تاريخ الإنسان الذي سكن هذه الأرض، ووجوده الاجتماعي والسياسي وتنظيماته المحلية، وسجل انتصاراته وإخفاقاته وانجازاته ومقاوماته ...، فيظل منحصرا بين صفحات بعض الكتابات والأبحاث النادرة، ولم يجد بعد طريقه إلى الرواية التاريخية الوطنية وإلى الفصول والكراسات التعليمية".

Aucun commentaire: