عاشت الجماهير التي حجت إلى الحفلين المنظمين من طرف جمعية إلماس بتعاون من تنسيقية أكراو أحداث عنف خطيرة يوم 13 غشت 2008 نتجت عنها إصابات و جروح في العين و رضوض على مستوى الرأس في صفوف المتفرجين ويرجع أسباب هذه الأحداث إلى استقدام الجهات المنظمة لعناصر مشبوهة أوكلت إليها مهمة التنظيم وتجدر الإشارة إلى أن هذه العناصر تم اختيارها من بعض الأندية الرياضية، لكنها وللأسف الشديد غير مكونة تكوينا تربويا وأخلاقيا ونفسيا مما حال دون حسن تعاملها مع الجماهير مما أفسد هذا الحفل نكهته الفنية والاحتفالية عكس مهرجان إمرقان حيث ساهمت هاته العناصر في فرض جو الفوضى والتسيب والتفوه بالكلام الساقط والفاحش مع المتفرجين، فتصوروا معي قمة الفداحة والوحشية في هذه اللجنة التي نزعت عنها قمصان التنظيم لتلتجئ للجماهير لتعنيفها وضربها وسلخها، حدث هذا أمام أعين رجال الأمن الذين كانوا حاضرين بأجسادهم وغائبين عن مهمتهم
إنها أحداث مأساوية وكارثية تستوجب منا التوقف والتأمل والتمحيص، لأنها وقائع غير طارئة لذلك لا يمكن لنا غض الطرف عنها بل وجب علينا تحليلها و تفكيكها ووضعها في سياقها الموضوعي ولأنها وقائع لا يمكن فك رموزها ومعرفة شفرات حقائقها إلا وفق المعطيات والملاحظات الآتية: أولا: إن تشييد الجامعة بالناظور وبروز الحركة الثقافية الأمازيغية على الساحة ساهم بشكل كبير وملفت للنظر بضخ دماء جديدة في المسار النضالي للحركة الأمازيغية، حيث ساهم الطلبة بنضالاتهم اليومية والميدانية بالجامعة في توسيع القاعدة الجماهيرية للحركة الأمازيغية بالناظور، بالإضافة إلى ذلك نجحوا في تصدير مجموعة من الشعارات السياسية الراديكالية من الحرم الجامعي وإنزالها إلى الفضاء العمومي (احتفالات إمرقان، فاتح ماي...)، هذا الأمر أصبح يربك ويزعج الأجهزة الأمنية التي لا تريد ولا تستسيغ سماع شعارات سياسية مملوكة ومحصورة بين أسوار الجامعة يرددها العامة في الشارع وفي المهرجانات دون خوف أو تردد، هذا الأمر المحرج سيجعل الأجهزة الأمنية تخطط وتفكر في خلق القطيعة بين الجامعة والفضاء العمومي
هذا ما استشفته من خلال حضور سهرة 13 غشت حيث لاحظت وشاهدت بأم عيني مجموعة من المسخرين من جمعية إلماس وتنسيقية أكراو يحاولون ثني وصد مجموعة من الشباب من ترديد شعارات سياسية بدعوى أن هذا الفضاء ليس بالمكان المناسب لمثل هذه الخطابات والسلوكات إلى درجة أن أحد أعضاء جمعية إلماس حاول وبكل استفزازية ووقاحة نزع العلم الأمازيغي من بعض الشباب وحدثهم بلهجة شديدة وبحركات عنيفة
ثانيا: إن تنامي الخطاب الراديكالي الأمازيغي وتوسيع وتيرة الاحتجاجات للحركة الأمازيغية بالناظور دون أن ننسى معطى بروز وظهور حركة الحكم الذاتي للريف ومساهمتها في إنجاح مسيرة فاتح ماي 2007 بالإضافة إلى استغلال مهرجان إمرقان بتحويله من مهرجان احتفالي إلى مهرجان احتجاجي، كل هذه المعطيات أجبرت الأجهزة الأمنية على التفكير مليا في احتواء المد النضالي للحركة الأمازيغية وضبط توهجه وذلك عبر المواجهة الغير مباشرة والغير العلنية، تتمثل هذه الإستراتيجية في تسخير عناصر مشبوهة مهمتها نسف وعرقلة المسار الاحتجاجي للحركة الأمازيغية بالناظور، والكل يتذكر مهزلة فاتح ماي 2008 حينما تم إنزال وإعداد عناصر خطيرة أعدت خصيصا لعرقلة وصد ومنع خروج الحركة الأمازيغية بلافتة "العلمانية" و "الحكم الذاتي"، ونفس السيناريو تكرر بالحفلين المشبوهين حيث سخرت عناصر مشبوهة مدربة على فنون القنال لتكسير شوكة كل من يرفع شعارات سياسية أمازيغية أو تشم فيها رائحة الأمازيغية
ثالثا: إن ما يثير الاستغراب والدهشة في ذلك الحفلين رغم ما وقع من أحداث شغب وعنف وتخريب من طرف "اللجنة التنظيمية" التي أعاثت في الأرض -الكورنيش- فسادا وخرابا، لم تكلف جمعية إلماس ولا تنسيقية أكراو عناء تقديم اعتذار للجماهير عما وقع، أو تعبر على الأقل عن أسفها لما حصل من أخطاء تنظيمية قاتلة تستوجب من باب الشهامة والرجولة الاعتراف بالخطأ، لكن للأسف منطق الاستعلاء والاستهتار بما وقع حال دون ذلك، وهذا عكس ما وقع بمهرجان الحسيمة والمنظم من طرف جمعية "أريد" الذي كان ناجحا بامتياز رغم ذلك فإن أعضاء الجمعية قاموا بسلوك جد حضاري في الأمسية الختامية تمثلت في كلمة كل من عبد الصمد بن شريف وحكيم بن شماس التي عبروا من خلالها عن أسفهم عن ما شاب بعض فقرات المهرجان من إنفلاتات وأخطاء تنظيمية ووعدوا الجماهير بألا تتكرر في المستقبل، وطلبوا من الحاضرين أن يتقبلوا منهم الاعتذار. وشكرا لجمعية إلماس وتنسيقية أكراو على هذا الاعتذار الجميل
رابعا: عرف هذين الحفلين حضور جميع المواقع الالكترونية من الناظور والحسيمة لتغطية جل أطوار وأحداث الحفلين نظرا للدور الذي تلعبه هذه المواقع في نشر الخبر والحدث في أقصر زمن ممكن عكس الجرائد والقنوات التلفزية، لذلك كان لزاما عليها تغطية الحفلين بأدق تفاصيله، لكن الأحداث المأساوية التي شهدها هذا الحفل جعلت كل هذه المواقع تتخلى عن مهمة إظهار الحقيقة وإخفاء الجانب السلبي لهذين الحفلين. ترى من الذي جعل كل هذه المواقع تتغاضى عن كشف وتصوير الجانب السلبي للمهرجان والاكتفاء بالتقاط صور الرقص والشطح والردح؟ شخصيا تفاجأت عندما تصفحت كل هاته المواقع ولم أجد فيها الحقيقة، اعتقدت أني لازلت أعيش سنوات إدريس البصري وقبضته الحديدية والاستبدادية على الأجهزة الإعلامية
عدت إلى المنزل وبقيت مجموعة من الأسئلة عالقة في ذهني، هل تلقت هذه المواقع الالكترونية أموالا طائلة للتغاضي عن نشر ما وقع وما جرى في الحفلين؟ هل تمتلك هاته المواقع المصداقية في نشر الخبر أم أنها مسخرة خصيصا لتشويه الحقيقة وإعدام مبدأ "الرأي والرأي الآخر"؟ لقد اغتالت هاته المواقع من خلال تزييفها لحقائق هاذين الحفلين دور الصحافة والإعلام في خلق المجتمع الديمقراطي والحداثي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire