القضية الكردية بقيت عقدة مستعصية على الحل الى يومنا هذا رغم وصول عصرنا إلى مرحلة أصبح من الممكن أن تحل هذه القضايا بسهولة اكثر ولكن لماذا بقيت القضية الكردية بدون حلول الى يومنا هذا؟وماهي الاسباب التي تؤدي الى اصرار الانظمة الحاكمة على اللاحل؟وماهو موقع القضية الكردية من المخططات الخارجية المطروحة لأجل الشرق الاوسط ؟...وهناك كثير من الأسئلة تتبادرإلى ذهن المرء حين يتمعن في قضية الشعب الكردي التي هي في الحقيقة هي قضية واحدة ولكن الظروف التاريخية أدت بها الى ان تصبح عقدة من القضايا نتيجة تقسيم الجغرافية التي يعيش عليها الاكراد في منطقة الشرق الاوسط
بداية علينا أن نستوعب الأسباب التي أدت بالحكومة الايرانية في الاونة الاخيرة ألى قصف معاقل حزب العمال الكردستاني في الشريط الحدودي وقبلها ما تم من تمشيطات عسكرية تركية ضد انصار الحزب واستخدام الاسلحة الكيمياوية ضدهم في المعارك وهذه التي أدت الى قيام تظاهرات كبيرة جدأ بين صفوف الشعب الكردي الذي أبدى أستياءه من هذه الجريمة النكراء وما خلقت هذه المظاهرات التي جرت في مدن كردستان وتركية من نتائج على الساحة السياسية الكردستانية والتركية او بالأحرى الاقليمية
اذاً هناك الكثير يمكن سرده وقوله بخصوص هذا الموضوع .لكن أصل المسألة يعود إلى بدايات القرن العشرين حين تم تقسيم منطقة الشرق الاوسط الى دول تركية _عربية_فارسية .وتم إبقاء الكرد خارج هذا الموضوع أو بالاحرى لتكون هناك أساسيات يمكن التلاعب بها في المنطقة حينما تقتضي الحاجة وبهذه الحالة لعب الاحتلال البريطاني والفرنسي دوراً سيئاً بخصوص تعميق الأزمة الكردية وجعلها قضية ملتهبة على مدى القرن العشرين كما في القرن التاسع عشر ايضاً .طبعا ًهذه الدول الوليدة على اثارانهيار الامبراطورية العثمانية .تبنت النزعة القومية التي كانت سائدة حينها وتم تخطيط الحدود بينها على اساس تشكيل دول قومية خالصة وبهذا الصدد تعرض كل من الكرد والارمن والاشوريين و...الخ لمجازر يذكرها التاريخ مما لاشك به ان الدور الرئيسي كان للدول العظمى حينها في ابقاء الورقة الكردية في يدها تضغط بها حين تدعو الحاجة ضد هذه الدول الحديثة وهذا نابع من نقاط الضعف التي كان يعانيها الكرد في حينها حيث لم يكونوا قد حققوا نوعا من النهوض القومي وتحقيق التطور اللازم بهذا الخصوص وبقي المجتمع الكردي يعاني من الإنقسام العشائري والمناطقي والطائفي اما الدول الحاكمة على كردستان والناشئة حديثاً التي تتبنى فكرة الدولة القومية بدأت تخاف أكثر من هذه الورقة التي تشكل خطراً لتقسيم الوطن وانفصال الأكراد عنهم و...الخ من المخاوف لذلك عمدوا الى طمس أية حركة كردية تظهر وتم ارتكاب الكثير من المجازربحق الكرد.وخلال القرن الماضي .وبشكل عام تم الوقوع في المصيدة الكردية التي نصبها المستعمرون الغربيون وماتزال المنطقة تعاني من تبعاتها الى اليوم .بالرغم من إننا اليوم وصلنا الى مرحلة جديدة على مستوى العالم والمنطقة وهناك متغيرات تفرض نفسها بقوة إلا أن القضية الكردية لاتزال غير محلولة وما يزال هناك من يتصور انه يمكن الحفاظ على التوازنات التي كانت في القرن الماضي والإصرار على عدم حل القضية الكردية .بهذا الخصوص تلعب تركيا التي يتم حكمها من قبل الجيش دور القيادة لدول المنطقة لعدم حل القضية الكردية ولعدم تحقيق التغيرات الديمقراطية في المنطقة ولهذا نلاحظ أنه بعد سقوط النظام البعثي في العراق استمرت كل من تركيا وايران وسوريا في اجتماعاتها الخاصة بمناقشة وضع القضية الكردية وكيفية سد الطريق أمام حل القضية في هذه البلدان ووضعت كل منها خطوطاً حمراء أمام الأكراد في العراق ايضاً.خاصة تركيا كان لها دوراً سباقا في هذا المجال .حتى انها طرحت موضوع اجتياح كردستان العراق والسيطرة عليها .لولا أن الظروف أختلفت وأن القوى المسيطرة على العراق لم تفتح المجال لتركيا لتنفيذ مشاريعها .بغض النظر عن مدى رغبة القوى العظمى على حل القضية الكردية أوعدمه في الوقت الحاضر لكن الظروف ومخططات الأطراف لم تتوافق .وبهذا الشكل بقيت الدول الحاكمة الثلاث تجتمع باستمرار وكان من نتائج تزمتها واصرارها على عدم رؤية القضية الكردية كقضية تهمها وأن حلها سيلعب دوراً إيجابياً في تطوير البلاد وتحقيق مستويات ارقى في التنمية والديمقراطية لذلك على العكس تحققت جرائم ومجازر بحق الكرد في كل من القامشلي في سورية وماكو في ايران وشمدينلي وغيرها من المدن الكردستانية التي تقع تحت حكم هذه الدول
وبهذا الخصوص في الآونة الأخيرة وقعت كل من تركيا وايران اتفاقية خاصة ضد حزب العمال الكردستاني الذي يتواجد في المناطق الحدودية بين البلدين وفي المثلث الحدودي مع العراق
وبنظرة بسيطة ألى الخارطة السياسية في الشرق الاوسط سنرى بأنه تلعب القضية الكردية دوراًَ مصيرياً وان اي خطوة في سبيل حل القضية الكردية أو العكس اي الاصرار على اللاحل سيكون له آثاره على كافة الأطراف بما فيها قوات التحالف التي أصبحت جزءاً من المنطقة
في هذه الحالة رغم ان حزب العمال الكردستاني طرح مشروع الحل الديمقراطي وأصر عليه كثيراً لكي لاتعود الحالة إلى دائرة الحرب وأراقة الدماء الا ان الدولة التركية بسبب تمسكها بمواقفها المتزمتة لم تستفد من الفرصة التي اتيحت أمامها لحل القضية الكردية التي تلعب الدور الرئيسي في طريق تقدم تركيا أو تأخرها
وفي هذه الحالة ان كل من تركيا وايران وسوريا باصرارها على اللاحل وتخوفها من حل القضية بشكل عادل يرضي كافة الاطراف سوف يبقى الطرف الكردي في حالة من البحث عن البدائل والحلول .وهناك قوى كردية تدعو الى التعامل مع قوات التحالف لأجل الحلول .الا أن حزب العمال الردستاني يرى ان القضية يجب ان يحل بين الأطراف التي لها علاقة بالموضوع بشكل مباشر بالدرجة الاولى وإن وجد دور مساهمة من قبل الدول العظمى فلا ضرر بمعنى أن الدور الأساسي للحل معوقا ًتحققه الأطراف ذات العلاقة وبشكل خاص الشعب الكردي بالاعتماد على قواه الذاتية .وهذا طرح واقعي يستند الى قراءة صحيحة للتاريخ حيث ان الغرب عموماًوخاصة الانكليز والامريكيين لم يتوانوا عن استخدام الورقة الكردية وقت ما اقتضت مصالحهم لكن حين تمت مجازر بحق الشعب الكردي في غير وقت لم تحرك ساكناً .وأيضاً ان امريكا وبريطانية قامت بأكبر مؤامرة على حزب العمال الكردستاني في عام 1998انتهت باعتقال قائده عبدالله اوجلان في 1999والحال هذه فإن حزب العمال الكردستاني لا يحبذ ان يكون ورقة في يد أمريكا ولن يكون الا أنه لن يتغاضى عن وجودها الى الأبد ومن المحتمل أن تؤدي الاحداث والتطورات إلى تقارب بينهما وخاصة ان أمريكا لها مخططات لتغييرالمنطقة وان الاكراد يفضلون التغيير على البقاء تحت رحمة سياسات الانكار والامحاء التي تستخدمها الدول الحاكمة على كردستان .عموماً فإن الاحداث الاخيرة تظهر ان القضية الكردية بحاجة الى حلول حقيقية وانه من غير الممكن ان يبقى الوضع على ما هو عليه الى مالا نهاية .وهناك عدة حلول مطروحة على الساحة ولعل اكثرها واقعية أقربها إلى حقيقة اللحظة والتاريخ هي التي طرحها السيد عبدالله اوجلان بصياغة علمية تستند إلى أسس تاريخية ..ومهما يكن ورغم حالة الحرب التي تعود لتبرز نفسها بشكل واضح في تركيا بل توسعت دائرتها لتصبح مشتركة تركيا وايران من جهة والطرف الكردي من جهة اخرى بإن القضية الكردية اليوم اقرب الى الحل اكثر من اي وقت مضى والمستقبل سينبئنا الكثير بهذا الخصوص
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire