عبد الرحيم شهيبي
إيدير، أسطورة الأغنية الأمازيغية الجزائرية وسفيرها في مختلف بقاع العالم، ولعل إسمه يرتبط بشكل وثيق بفافا إينوفا، الأغنية التي كتبها ولحنها وغناها منذ سبعينات القرن الماضي، لتلازمه إلى الأبد وتكسبه الشهرة ومحبة الجماهير اللامتناهية في كل شمال إفريقيا وغيرها، يرددها الجميع ويحفظها عن ظهر قلب، حتى أولئك الذين لم يفهموا معاني كلماتها. Avava Inuva أو يا أبي إينوفا، هي أسطورة أمازيغية من أرض القبايل، تحكي قصة كفاح فتاة صغيرة تدعى "غريبا" ضحت و هي لا تزال في ربيعها العمر من أجل كسب لقمة عيش لأبيها العجوز وإخوتها الصغار
حميد شريط المعروف بإيدير، صاحب A Vava Inuva، قبايلي من مواليد أيت لحسن سنة 1949، لم يكن يتوقع أن يصبح مغنيا ذائع الصيت، لقد كان في البداية مجرد هاو، ولم تكن الموسيقى من أولى أولوياته، فقد درس الجيولوجيا وكان من المفروض أن يلتحق بإحدى المؤسسات البترولية بالجزائر.. لكن الأقدار قادته أن يحل محل أحد المغنيين بالإذاعة الجزائرية لأداء أغنية للأطفال وكان ذلك في أحد أيام 1973، وبعد أدائه للمهمة بنجاح سجل أغنية Avava Inuva، قبل التحاقه بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكانت هذه الإنطلاقة الحقيقية وغير المتوقعة لحميد شريط أكسبته شهرة عالمية على مدى السنين الطويلة، ومن هنا بدأت مسيرة إيدير المتميز في كل شئ
وكما سبق أن ذكرنا، فإن أغنية Avava inuva مستمدة من أسطورة أمازيغية قبايلية، يبلغ عمرها عشرات القرون، و تحكي حكاية فتاة صغيرة تشبه قصتها قصة ساندريلا، مع فارق أن "غريبا" تنتمي إلى أسرة فقيرة و معوزة و أبواها ليسا من العائلة الملكية عكس ساندريلا و سناوايت الأوروبيتين. غريبا الصغيرة تعمل في حقول الزيتون، تقطف الثمار، تحرث الأرض و تعلف المواشي، وتبدأ عملها من طلوع الشمس إلى ما بعد غروبها، لتجر تعبها نحو بيت والدها الفقير المسن، تدق الباب وتنتظر هل من مجيب، تطلب من أبيها أن يفتح الباب، لكن الوالد يتوجس خيفة من كثرة اللصوص وقطاع الطرق أو من تسميهم الأسطورة بوحش الغابة، فيحتار من أمره ويطالب ابنته أن ترج أساورها والتي يعرف صوت نغماتها، فإذا سمعه أنذاك ينطلق لفتح الباب لابنته الصغيرة ولما تحمله معها من رزق، وتنطلق "غريبا" لتلج البيت وتسقط في حضن والدها الهرم، معاتبة إياه قائلة: "أخاف وحش الغابة يا أبي" ويطمئنها والدها مؤكدا لها أنه هو أيضا يخاف من ذات الوحش
بعد أن تسرد الأغنية بداية أسطورة غريبا، تأخذنا معها و تحملنا إلى أجواء جبال الجرجورة بالقبايل، المكسوة قممها بالثلوج، تمنحنا فرصة لنتعرف على الأوضاع الإجتماعية لسكان القبايل، و تحكي حكاية الشيخ المذثر بسلهامه أو برنسه، وابنه الجائع والذي يبحث عن لقمة العيش، وتلك العجوز القابعة تنسج من منوالها وتغزل الخيوط، والأطفال يتحلقون حولها وكل أمانيهم تنتظر دفء فصل الربيع المقبل. ورغم الثلج الذي يصد الأبواب، والنجوم والقمر المختفيين من كبد السماء، يتوسد الأطفال أمانيهم ويستمعون للحكايات الغرائبية التي تجود بها مخيلة الجدات
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire