jeudi 19 mars 2009

حزب العمال الكردستاني في العلاقات الدولية المعاصرة / كريم مصلوح

هده المقالة إلى عبد الله أوجلان "بول روبسن، بول روبسن يا بطل السلم، ويا عندليب الأغنية إن اسمك وصوتك لذائعان في العالم فحتى في هده الوديان المنعزلة من جبال كردستان، يكثر ابني الصغير من ذكر اسمك، كما يذكر الطفل اسم عم له، يسكن في الشقة الثانية من البيت". عبد الله كوران قصيدة إلى بول روبسن ضمن كتاب: رسالة إلى ناظم حكمت ت. عبد الوهاب البياتي في هده المقالة، أود الوقوف ولو بإيجاز، إلى الظرفية التي يعرفها الصراع الكردي ممثلا في بيكيكـي مع تركيا، ثم إلى بعض القواعد الجيوسياسية المتحكمة في هدا الصراع، والفاعلون الاساسيون فيه. حزب العمال الكردستاني: القضية والإرهاب. لاحظنا مؤخرا من خلال الهجوم الذي شنه بيكيكي على جنود أتراك، والدي خلف ما يزيد عن عشرة جنود من القتلى، إصرارا واضحا إقليميا للقضاء عليه، وهو ما عبر عنه فاعلون دوليون اساسيون مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي باسم الإرهاب،وهو نجاح تركي- ودلك لدورها في المنطقة وكحليف حيوي للولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن تركيا حليف مهم يطل على الشرق الأدنى والأوسط معا، وكدا لعضويتها في حلف الناتو- في محاولة لتوجيه الرأي العام الدولي نحو الطبيعة الإرهابية لبيكيكي،وهكذا فان هدا الأخير – الذي سجن زعيمه عبد الله أوجلان بالمؤبد- والدي قام أيضا في احد أسسه على تشكيل دولة كردستان المستقلة، يصنف ضمن" الإرهابيين" الدوليين، لكن الإرهاب عندما يطلق على حركات سياسية مسلحة ذات أهداف سياسية واضحة ومرجعية تاريخية وأسس مادية معقولة، يكون تصنيفا ناتجا عن قواعد متحكمة في مصالح وتحالفات وتنازلات الأطراف المعنية، وفي حالة كهده، هو سعي حثيث للتأثير على الرأي العام الدولي لإفقاد حركة مثل حزب العمال الكردستاني لأسس شرعيته وتوصيفه على انه حزب عدمي بدون أية أهداف، ويسير ضد التيار الدولي، التيار الذي يحاصر مثل هده الحركات، حفاظا على أوضاع سوسيولوجية دولية، هدا إضافة إلى قوة أو ضعف الدول التي تتحرك من داخلها هده الحركات. – نموذج الوضع في كوسوفو أو تيمور الشرقية،وهي حالات تحكمت فيها شروط مختلفة-. وفد لاحظنا الإعلام الدولي يساهم بدور فعال في وصف حزب العمال الكردستاني، على انه حزب إرهابي، يسعى إلى خلخلة استقرار تركيا والشرق الأوسط. الحزب الأخير يعيش راهنا تضييقا قويا عليه بدعم أمريكي، ودلك بهدف إرضاء تركيا، وهي الدولة التي تقوم على أساس دولة-امة الترك، مند حوالي قرن من الزمان، وهي قيمة للأسف، تعبر عن عدم الرغبة في التعامل بشكل سياسي مع الأكراد، وهو نفس التعامل تجسده إيران، والتي تحاصر حزب الحياة الحر الكردي - بيجاك- الذي تأسس في 2003 المطالب بالاستقلال عن إيران ، وعلى هدا المستوى سيبرز على السطح التنسيق ألاستخباراتي والعسكري الإيراني التركي لملاحقة نشطاء الحزبين، نفس الأمر يحدث مع سوريا التي تقف إلى جانب تركيا وإيران، وقد كان دلك بدعمها تركيا بالهجوم على إقليم كردستان شمال العراق. تركيا ودول الجوار ووضعية الأكراد: إن الصراع والنزاع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، يمكن تصنيفه ضمن سوسيولوجيا النزاعات الحدودية والقومية، إن الأكراد الموزعين علي على ثلاث دول أساسية، وبنسب اقل في أرمينيا وسوريا، إضافة إلى اعتبارهم شعب، فان إقليمهم موزع بين أربعة دول أساسية،مما يعني أن شعبا له إقليم ترابي وخصائص مميزة محروم من دولة،أو بشكل اقل محروم من ضمان حقوقه، وتطالب الحكومات الإقليمية للشرق الأوسط أن يكون الأكراد عامل استقرار ، بينما في الحالات كهده، ذات السوسيولوجيا الحدودية، لا يمكن البحث عن استقرار، إلا في حالة قيام دولة كردية ، أو ببناء أنظمة مؤسساتية تضمن تطلعاتهم،وليس باندماج الأكراد في هده الدول. وقد عرض عسكري أمريكي في اجتماع لحلف الناتو بروما في سبتمبر 2006، خريطة تحت اسم دولة كردستان الكبرى، كان قد أعدها العقيد العسكري رالف بيترس،وهي الخريطة التي أبانت حدود الدول المجاورة مختلفة، وهو ما ادى إلى انسحاب الوفد التركي من اجتماع الناتو، واضطرار مسؤولين أمريكيين، إلى تفسير الموقف لتركيا، وهو ما نعتبره، إشارة تحملها العلاقات الدولية في المستقبل البعيد، في حالة تغير بعض القواعد المتحكمة حاليا في القضية. إن الدول التي تضم أجزاء تراب كردستان، كما هو معلوم، هي دول قوية وفاعلة ومؤثرة، ولديها حسابات دولية معقدة، كما أنها دول تتوزعها ثلاثة شعوب أساسية تستمد جزءا من مرجعيتها في الهيمنة على الشرق الاوسط من التاريخ، وهي الفرس والترك والعرب، وبين هده الشعوب، يضيع شعب رابع هو شعب الكرد. ; تظهر الصورة خريطة تراب الأكراد كما أن التصاعد القوي لإيران وتركيا كقوى إقليمية عسكرية، سيجعل من هدا الملف مشرف على تجاهل دولي أكثر حدة. إن ابرز ما عرفته المنطقة من وضع سياسي وقانوني متعلق بالأكراد، هو نيل إقليم كردستان شمال العراق، لنظام الحكم الذاتي، مند 1991، ودلك تحت حماية الحلفاء الاوروبين والأمريكيين، إن هدا النظام الكردي الجديد، سيكون مؤثرا ومقلقا لتركيا، حيث سنلاحظ الفارق بوضوح، فنسبة 18في المائة التي تشكلها الديمغرافيا الكردية بكردستان العراق، يحميهم بشكل ما نظام الحكم الذاتي، في المقابل يظل 46 في المائة من الأكراد بكردستان تركيا، دون أي وضع سياسي وقانوني يحميهم، ودلك لقوة تركيا، وعملها على الهيمنة على تراب الكرد. ومند 1978 وهو تاريخ تأسيس حزب العمال الكردستاني، إلى غاية محاكمة أوجلان، وتطورات الأحداث بعدها، فان تركيا لم تتخلص من النزاع المسلح مع الحزب المعني، ومن جهة أخرى، فان القضية الكردية بتركيا، أو حزب العمال الكردستاني ، لم ينالا أي اعتراف رسمي دولي، وبالنسبة لهدا الأخير، نلاحظ العكس، مزيد من تصنيفه ضمن المنظمات الإرهابية، وما يستحق الذكر هنا أن الصراع الكردي مع دول الجوار، صراع عالمي، لكونه صراع يمس الخريطة السياسية للمنطقة، فعندما تثار قضية بيكيكي، تتعداه دوما إلى إقليم كردستان بالعراق وفي عمق إيران، والأزمة هنا أزمة في صناعة القانون الدولي العام ، والدي يتبنى بشكل مطلق الحدود الموروثة عن الأوروبيين، وهي الحالات العديدة في العالم لعل ما يشبهها في شمال إفريقيا، قضية شعب الطوارق.. كردستان الحكم الذاتي، وحزب العمال الكردستاني. إن ابرز فاعل جديد في الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، هو إقليم كردستان الحكم الذاتي، وكانت الحكومة التركية قد عبرت عن رفضها لأي تفاوض حول حزب العمال مع حكومة إقليم كردستان العراق، بينما عبرت هده الأخيرة، مند المفاوضات الأولى العراقية التركية حول الأمن الحدودي، إلى أن حكومة كردستان يجب أن تكون طرفا في أية مفاوضات تتعلق بالإقليم، وهكذا فان الوفد العراقي الذي دهب إلى تركيا، لاحتواء الأزمة، والدي يترأسه وزير الدفاع العراقي، يتضمن وفدا كرديا، اضطرت تركيا إلى استقباله، رغم رفضه في البداية، وهنا تبرز قضايا تتعلق أساسا بسوسيولوجيا أنظمة الحكم الذاتي في العلاقات الدولية: * مشاركة حكومة كردستان العراق، في أية مفاوضات تتعلق بقضية حزب العمال، نظرا لكون الحكومة الكردية المستقلة ذاتيا، أول حليف موضوعي في المنطقة لحزب العمال. * لدلك تدعو حكومة كردستان تركيا، إلى الواقعية والتفاوض مع حزب العمال الكردستاني. * أن حكومة كردستان، عبرت عن دفاعها عن إقليمها ضدا عن أي هجوم تركي، ولم تنتظر أن يصدر هدا الموقف من حكومة السيادة في بغداد. * أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا تستطيع أن تتنازل أكثر لصالح كرد العراق، على حساب حليف قوي هو تركيا. * أن أي نزاع مع بيكيكي، يلقي بظلاله على امتداده في إقليم كردستان في العراق وإيران أساسا، وهو ما يجعل منه نزاعا عبر حدوديا، وان العلاقات الخارجية بالنسبة للقضية الكردية، ذات طبيعة نبد عكسية، وهو ما يعبر عنه في الفرنسية ب: "اسيميتري" ، وعكسها سيميتري"، وهو ما يمكن تفسيره في علاقات الحكومات المستقلة ذاتيا أو المجموعات البشرية والحركات السياسية الشبيهة بحزب العمال الكردستاني، وبالنسبة للحالة التي نحن بصددها تحديدا، في ميل هدا الأخير الواضح نحو حكومة كردستان، وميل هده الأخيرة نحو أكراد تركيا، وهو ما ينطبق على الأكراد في إيران، فهده الأطراف الكردية الثلاث أو الأربعة، عندما يتعلق الأمر بقضاياها وتطلعاتها، لا تنجذب نحو عواصمها، ودلك لحضور العامل القومي والتاريخي والتراب المشترك. قواعد جيوسياسية متحكمة في النظرة للأكراد. يتعلق الأمر بالمصالح التي يجنيها كل طرف على حدا، من الموقف الدولي تجاه الكرد، لدا، فان القضية الكردية، والتي اتخدت أبعادا مسلحة وسياسية واضحة، لم تجن الكثير،خاصة زمن الصراع بين السوفيات والأمريكيين، و الحروب الأولى التي قادها القائد الكردي البرزاني، والتي كان يهدف من ورائها إقامة دولة كردستان، إن هده الحروب تظل مشتعلة في ذاكرة الكرد. إن ابرز فاعلين يحكمون العلاقة بحزب العمال الكردستاني، يظلون أساسا خاضعين، لمصالح جيوسياسية وتحالفات معينة ومعروفة، وهكذا فان الولايات المتحدة الأمريكية، ادا كانت تتهم بي كي كي بالإرهاب، فان حكومة كردستان العراق، لا تخفي تحالفها مع و.م.ا، كما أن حكومة كردستان العراق، الحليف الموضوعي ل بي كي كي، لا يمكن أن تتهم هدا الأخير بالإرهاب، بل يتعدى دلك، حسب تصريحات مسعود برزاني، رئيس حكومة كردستان، باعتباره الأمر يتعلق بحقوق الشعب الكردي، وان حزب العمال لا يعدو أن يكون حجة تستعملها تركيا، لعدم الاستجابة للحقوق الكردية، التي هي حقوق أزيد من 10 ملايين كردي بتركيا، في المقابل فان الرئيس العراقي اتهم بي كي كي بالإرهاب وتحدث عن إغلاق مكاتبه بالعراق، وهو استجابة للضغوط التركية. للمستقبل جدير بالإشارة أن بي كي كي والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بزعامة البرزاني كانا قد أقاما تحالفا، ومند اعتقال عبد الله أوجلان في نوفمبر 1999 بنيروبي، عرف بي كي كي، تغييرا في اسمه، وبروز تيارات جديدة تنحو منحى الحوار، لكن استمرار النزاعات المسلحة يظل هو المهيمن، مما يعبر أن بي كي كي، حقا حزب متجدر داخل الأوساط الكردية، وقد كنت لم ابلغ 18 عشر من عمري، عندما كنت أشاهد على التلفزيون صورة عبد الله أوجلان وهم فرحون بالقبض عليه وفي جلسات المحاكمة، ولعدم معرفتي بالأمور أنداك، كنت أتساءل لمادا يعدمون هدا الرجل، مادا فعل؟ وهو السؤال الذي لازلت اطرحه. *لقد أنجزت هده المقالة في نوفمبر 2007، وارتأيت نشرها اليوم في ذكرى محاكمة عبد الله أوجلان، وقد تناولت فيها ردود الأفعال أنداك اثر نشوب النزاع بين الجيش التركي وحز العمال الكردستاني

Aucun commentaire: