الرباط في: الخميس 27 نونبر 2008
من رئيس منظمة تاماينوت
إلى السيد المحترم وزير التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي
الموضوع : وضعية اللغة الأمازيغية في التعليم
سلام تام و بعد
لا يخفى عليكم السيد الوزير ما تمثله اللغة و الثقافة الأمازيغيتان ضمن عناصر الشخصية المغربية و الإرث الحضاري لبلادنا، و قد تقرر منذ 2003 البدء في إدراج الأمازيغية ضمن النظام التربوي بعد 45 سنة من التهميش و الإقصاء، غير أنّ ذلك تمّ بشكل ارتجالي و متسرع و بدون توفير الإمكانيات الضرورية و خاصة منها ميزانية التكوين و التأطير و الموارد البشرية المطلوبة، و لقد كان لقرار إدارج الأمازيغية لغة و ثقافة في المنظومة التربوية أهمية بالغة بالنسبة للفاعلين في مجال الثقافة الأمازيغية من جمعيات و أفراد وعموم الناطقين بها ، مما وفر لهؤلاء الفاعلين مرجعية سياسية هامة للنهوض بالأمازيغية و إنصافها في التعليم. غير أن تنفيذ و متابعة هذا القرار من أجل نقله إلى حيز التنفيذ لم تتم على الوجه المطلوب، و كانت نتيجة ذلك ما توصلنا إليه في منظمة تاماينوت بعد التحري و المراقبة لهذه العملية، و الذي يمكن إجماله فيما يلي:
1) عدم نجاح التعميم التدريجي للأمازيغية حتى الآن في المدارس و أسلاك التعليم، رغم كل الجهود التي بذلت، مما نجم عنه الكثير من الإضطراب و الإخلال بما تمّ الوعد به من طرف الوزارة الوصية، حيث تبين لنا بأنّ ما يجري داخل المؤسسات التعليمية لا يتطابق مع مضامين المذكرات و التوجيهات التربوية الصادرة عن الوزارة (المذكرات 108 ـ 90 ـ 130 ـ 133 ـ 116)، كما لمسنا عدم وجود انسجام بين خطاب الوزارة في المركز ورؤساء الأكاديميات و النواب في الجهات و المناطق، حيث لا يتمّ التعامل مع موضوع تدريس الأمازيغية بالجدّية المطلوبة و الحس الوطني اللازم، مع العلم أنّ هناك مرجعية حقوقية و سياسية واضحة لتعليم الأمازيغية تتمثل في :
· المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي تنصّ على ضرورة احترام حقوق الشعوب و المجموعات في الحفاظ على لغاتها و ثقافاتها الأصلية؛
· الخطاب الملكي باجدير يوم 17 أكتوبر 2001، الذي اعتبر الأمازيغية مسؤولية وطنية؛
· الظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛
· إجماع القوى السياسية و المدنية المغربية على ضرورة فض كل أشكال خرق حقوق الافراد و الجماعات الناتجة عن انتهاك مبدإ احترام الحقوق السياسية و المدنية و الثقافية و اللغوية.
2) عدم توزيع الكتاب المدرسي الأمازيغي الذي يظلّ مفقودا طوال السنة الدراسية، و عدم إدراجه في مشروع المليون محفظة التي وزعتها الوزارة مؤخرا.
3) انعدام التقييم الموضوعي الشامل لتجربة تعليم الأمازيغية منذ 2003، حيث لم يرد في تقرير المجلس الأعلى للتعليم أي شيء يفيد متابعة هذا الموضوع، كما أنّ الخطّة الإستعجالية أشارت إلى تطوير تعليم العربية و اللغات الأخرى بينما اكتفت بالحديث عن النظر في "وضعية الأمازيغية" في التعليم، مما
قد يوحي بالسعي إلى مراجعة المبادئ والتوجهات التي تمّ عليها إرساء تعليم الأمازيغية، و هو أمر يكتسي خطورة بالغة و يمثل عودة إلى الوراء ستكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على المسلسل الوطني من اجل إنصاف الامازيغية في كل أبعادها، بل على كل المجهودات المبذولة لتوفير شروط الإنتقال الديمقراطي .
4) عدم دعوة وزارة التربية الوطنية للفاعلين في مجال تعليم الأمازيغية لحضور اللقاءات التي تنظمها حول التعليم الأولي أو حول المقاربات البيداغوجية الجديدة المقترحة.
5) أنّ دورات تكوين الأساتذة لا تشمل أساتذة مختلف المستويات التي بلغها تعليم الأمازيغية، كما لوحظ بأنّ عددا من الأكاديميات لم تقم ببرمجة أية دورة تكوينية حتى الآن، علاوة على أنّ المدّة المخصصة للتكوين (خمسة أيام) لا تتناسب و حجم برامج و محتويات الدورات التكوينية السنوية الثلاث.
6) أنّ بعض مراكز التكوين الجهوية للمدرسين لم تسمح باستفادة أساتذتها من التكوين في مجال بيداغوجيا الأمازيغية.
7) أنّ مسالك اللغة و الثقافة الأمازيغية التي أحدثت ببعض الجامعات تجد صعوبات كثيرة في الإستمرار، و ذلك بسبب عدم استقلاليتها في الموارد البشرية و المالية، مما يقتضي إنشاء شعب للأمازيغية قائمة بذاتها أسوة ببقية اللغات الأخرى.
8) لوحظ انعدام التنسيق المطلوب بين وزارة التربية الوطنية و مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، و ذلك بسبب تجميد اللجان المشتركة.
انطلاقا مما سلف ذكره، نعتبر، السيد الوزير، بأن عملية إدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية لم تبلغ المستوى المطلوب، بل يمكن الحديث بكل أسف عن إفشال لهذه العملية بسبب عدم توفير الوسائل و الإمكانيات الكفيلة بإنجاحها، إضافة إلى انعدام الإرادة لدى بعض المسؤولين التابعين لوزارة التربية الوطنية، و الذين ظهر منهم بشكل علني صريح السعي إلى عرقلة العملية في مجملها و التشكيك في أسسها و اختياراتها، و أنتم تعلمون السيد الوزير ما في ذلك من خطورة على السلم الإجتماعي و الإستقرار السياسي في بلادنا، حيث أنّ إفشال تعليم الأمازيغية سيعود بنا جميعا الى وضع أسوأ مما كان عليه قبل 2001 تاريخ بداية المسلسل الوطني لصالح الامازيغية، و سيكون احد الاسباب الرئيسية في فقدان الرصيد المعنوي الذي حققه المغرب في مجال تسوية ملفات ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، و التي منها انتهاك الحق في التعليم باللغة الأم، و الحفاظ على الثقافة الأصلية.
و من تمّ ندعوكم السيد الوزير إلى أن تعطوا لهذا الملف ما يستحق من اهتمام سعيا إلى تحقيق التوازن المفقود داخل مؤسساتنا التعليمية التي ما زالت تعرف وجود هوة كبيرة بين المدرسة و المحيط بسبب تهميش اللغة الأم و ما يرتبط بها من قيم ثقافية، كما نتمنى أن تبذلوا قصارى جهودكم لإشعار الأكاديميات الجهوية و النيابات الإقليمية بضرورة احترام ثوابت السياسة التعليمية التي تعمل في إطارها الوزارة الوصية .
و تقبلوا السيد الوزير فائق مشاعر التقدير و الإحترام.
منظمة تاماينوت
الرئيس
عبدالله حتوس
Organisation Tamaynut : 2ème Etage N° 13 rue Melwiya Agdal Rabat.
www.tamaynut.org Tel : 061.69.54.70 / 061.40.09.03 /061.32.27.78, fax: 037.730.139
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire