يلاحظ المراقب السياسي لمحطة 7 شتنبر 2007 أن هناك حضورا نوعيا للأمازيغية في المشهد السياسي، وقد تجلى ذلك في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، خطب قادة ومسؤولي التنظيمات، لغة التواصل مع الناخب، ملصقات المرشحين..إلخهذا الحضور له أكثر من دلالة سياسية لكونه يأتي في سياق شهدت فيه المسألة الأمازيغية عدة تراكمات إيجابية منذ "خطاب أجدير" بخنيفرة وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والشروع في تأهيل هذا الموروث الثقافي وإدماجه التدريجي في منظومة التعليم والإعلاوقد أصبحت الأحزاب السياسية مضطرة إلى التعامل مع المكون الثقافي الأمازيغي خاصة بعدما أضحى يفرض ذاته سواء من حيث الضغط الذي تمارسه انعكاسات بعض العوامل الخارجية في مقدمتها العولمة، إذ أصبح الجميع يبحث عن ما يمكن أن يميزه عن الآخر ويبرز خصوصيته أو استثناءه الثقافي.. أو من حيث تطور مطالب الفاعل الأمازيغي والتي لم تعد تقتصر على اللغة والهوية.. بقدر ما أصبحت تؤكد على تقسيم الثروة والسلطة والقيم ضمن "الجيل الجديد" من المطالب الأمازيغية
ولعل إقدام مجموعة من الفعاليات الأمازيغية على المطالب بإقامة الحكم الذاتي سواء بالريف أو سوس الكبيرين وتأسيس إطارات مدنية نضالية لترجمة هذا المشروع على أرض الواقع يؤكد التحول النوعي الذي طرأ على مطالب الفاعل الأمازيغي
فالحركة الأمازيغية كحركة سياسية ديمقراطية وحداثيـة وعلمانية تجاوزت، اليوم، بنسبة كبيرة الأحزاب السياسية من حيث طبيعة المطالب التي تطرحها، وهذا الأمر يستدعي من طرف هذه الأحزاب ـ على اعتبار أنها عماد الديمقراطية ـ أن تعيد النظر بشكل كلي في منظورها للأمازيغية ولحاملي مطالبها..، مع العلم أن الأحزاب السياسية تبقى متخلفة نسبيا مقارنة مع "المؤسسة الملكية" التي استطاعت أن تبلور منظورا "متقدما" في المرحلة الراهنة بالرغم من طبيعة العوامل التي تتحكم في أهدافه وخطواتهويعد "خطاب أجدير" بمثابة تعاقد ثقافي ولغوي بين "المؤسسة الملكية" وقطاع هام داخل النخبة السياسية التي باركت الفلسفة والأفكار التي تضمنها هذا الخطاب التاريخي، كما أن هذا التعاقد شكل الأرضية التي انبثقت منها كل المبادرات الرامية إلى إدماج هذا المكون الثقافي داخل منظومة الدولةهذا المنظور يعد، اليوم، نموذجا بالنسبة لدول شمال أفريقيا، ولعل خطوة إقدام الرئاسة الجزائرية على تأسيس أكاديمية اللغة الأمازيغية والمجلس الأعلى للأمازيغية يفيد أن التجربة المغربية تسير في الاتجاه الصائب وأصبحت تغري الجارة الشرقية التي تتبع خطوات هذه التجربةخلافا لهذا التطور، لازالت علاقة غالبية الأحزاب السياسية بالأمازيغية مرتبطة بشكل قوي باللحظة الانتخابية، حيث يكون هذا الموروث الثقافي حاضرا بقوة، في حين يغيب ليحضر في مناسبات للمزايدة السياسية على الحركة الأمازيغية عندما تطرح مبادرات متقدمة...فالعلاقة بين الطرفين( الأحزاب والأمازيغية) ليست مؤسساتية، بمعنى أنها حاضرة في القوانين الأساسية، البرامج السياسية، الإعلام والتواصل..، أي حاضرة كأولوية من أولويات الفاعل الحزبي. ولعل هذا الواقع هو الذي يفسر لماذا لا زالت الأمازيغية قضية ملك وليس قضية مجتمع، ويفسر أيضا أن الاعتراف الرسمي بالأمازيغية يقابل بنوع من المقاومة على أرض الواقع وفي رسالة الأعضاء السبعة المنسحبين من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أكثر من دلالة سياسية تؤكد هذا الطرح
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire