منذ سنة تقريبا تشكلت هيئة مكونة من كتاب وشعراء وأدباء وباحثين أمازيغ وأكراد، الهدف منها توفير كافة الشروط الضرورية للإعلان عن تأسيس جمعية للصداقة الأمازيغية الكردية، وتعد هده المرة الأولى التي تلتقي فيه فعاليات من المجتمعين الكردي والأمازيغي من أجل بناء إطار للتعامل المشترك
عن أهداف هذه الجمعية وكواليس التحضير للجمع العام التأسيسي حاورنا المناضل والمثقف الكردي جلال الجباري عن الهيئة التأسيسية للجمعية المذكورة، دون أن نفوت الفرصة ليدلي لنا برأيه حول الحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا وتدويل القضيتين الأمازيغية والكردية، وكذا عن موقع الأكراد من التغيير بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين وقضايا أخرى تجدونها في هدا الحوار
أجرى الحوار:عبد الله أوسوس
في سابقة هي الأولى من نوعها تكونت هيئة تأسيسية لجمعية الصداقة الأمازيغية الكردية،ما هي دواعي التحضير لهذا الإطار؟ وأين وصلت الاستعدادات لإنجاح المبادرة؟
بداية تحية النضال والثورة لكم أعزائي أبناء تامزغا ومن خلالكم إلى كل الإخوة والأخوات المناضلين في ارض تامزغا, إلى الشعب الامازيغي العريق, التوأم المماثل للشعب الكردي في الشقاء والاستعباد والصنو له في دروب النضال الشاقة سعيا من اجل تحقيق حقوقه المشروعة على ارض آباءه وأجداده, ارض كوردستان وتامزغا الطاهرتين
إن أهم دواعي تأسيس جمعية الصداقة الكردية الأمازيغية كان بسبب الحاجة الماسّةّ إلى تأطير وتنظيم وتفعيل العمل النضالي المشترك على مختلف الصعد والمجالات المتاحة, وتقوية تلكم الأواصر النضالية التي تربط الشعبين الشقيقين الكوردي والامازيغي في مؤسسة مشتركة فاعلة على الساحة الوطنية والإقليمية والدولية, فعلى الرغم من البعد المكاني الجغرافي بين موطنيهما وشعبيهما, إلا أن ظروف القهر وأشكال الاستعباد والتهميش بل وحملات التنكيل والإبادة تجاه الشعب الكوردي شرقا والامازيغي غربا وعلى مرّ العصور التاريخية المختلفة تكاد تكون متشابهة إلى حدّ التطابق أحيانا رغم اختلاف هويات المحتلين وتباين وجوه الطغاة والمستبدين
وقد تنامت رغبة التقارب والعمل المشترك في أوروبا خاصة حيث الثقل الكبير للجاليتين الكوردية والامازيغية والتقارب الكبير بين نخبهم الثقافية والفكرية لتشابه الأطروحات والرؤيا الإستراتيجية لمجمل القضايا والظروف التي تتحكم بمسيرة الشعبين الكبيرين والعريقين في منطقة الشرق الأوسط والمحرومين من حقيهما الطبيعي في تشكيل دولتيهما المستقلة أو التمتع بقدر من الحرية والمساواة على اقل تقدير أسوة ببقية شعوب العالم,
وقد كانت مبادرة مشتركة من مجموعة من خيرة الكتاب والشعراء والمثقفين والمتنورين الامازيغ والكورد مما حدا بهم الانطلاق من اجل الشروع في تشكيل الهيئة التأسيسية التي بدأت باتصالاتها مع مختلف الاتجاهات في الحركتين الأمازيغية والكوردية بأجزاء وطنيهما كوردستان وتامزغا بغية وضع اللمسات الأولية للنظام الداخلي للجمعية, وصولا إلى إقرار الصيغة النهائية لها في المؤتمر المزمع عقده لاحقا, وقد تم وبجهود كبيرة انجاز هذه المهمة وهي ألان منكبّة بالتخطيط لعقد المؤتمر التأسيسي في القريب العاجل بهمة الخيرين من أبناء وبنات الشعبين
مرت سنة تقريبا عن تشيلكم للهيئة التأسيسية ،فلماذا تأخر عقد الجمع العام التأسيسي ؟ وهل الأمر يتعلق بضغوطات من السلطات الحاكمة بتمازغا أو كوردستان؟
نعم هذا صحيح إلى حد كبير حيث مرّ أكثر من سنة على تشكيل الهيئة التأسيسية, وقد تأخر عقد المؤتمر التأسيسي كما كان مؤملا, واستطيع أن اعزي أهم الأسباب إلى محاولات الجمعية بان تكون مستقلة بمعنى الكلمة عن أية سلطة حاكمة سواء في كوردستان أو تامزغا باعتبارها جمعية مجتمع مدني غير منحازة لأي طرف سياسي مع التزامها بالدفاع عن الحقوق المشروعة للشعبين بالوسائل الديمقراطية, ولا تقبل تلقي أي دعم مشروط من أية جهة كانت, وفي نفس الوقت حرصها على سلامة أعضاءها النشيطين في الساحتين الكردستانية والتامزغية
هل يمكن اعتبار جمعية الصداقة الأمازيغية الكردية نتيجة من بين نتائج تدويل القضيتين الأمازيغية والكردية؟ أم مظهرا من مظاهرها؟
نعم, في الحقيقة من المخطط والمؤمل أن تستفيد الجمعية إلى أقصى حد من تواجد أعضاءها في الساحة الأوروبية والغربية عموما لعرض القضية الكوردية والامازيغية وخاصة نواحيها الإنسانية والحقوقية على الرأي العام الأوروبي تمشيا مع مفاهيم حقوق الإنسان العالمية ولكسر الحصار والتعتيم الإعلامي المفروض على القضيتين من قبل محتلي كوردستان أو السلطات الحاكمة في تامزغا
إذا استثنينا الطوارق بالصحراء الكبرى فنضال الأمازيغ بشمال إفريقيا نضال سلمي عكس الشعب الكردي الذي زاوج بين النضال السلمي والكفاح المسلح، ألن يتحفظ الطرف الأمازيغي عن الانضمام إليكم لهذا السبب؟
الحقيقة أن نضال الجمعية في الأساس هو نضال سلمي ديمقراطي بعيد عن كل أشكال العنف, صحيح أن جزء من شعبينا الامازيغي والكوردي, اللذان يناضلان في ارض الوطن بأساليب نضالية متعددة كل حسب ظروفه, إلا أن نضالنا هو في الأساس وبموجب النظام الداخلي, سلمي تنويري إعلامي تلجأ إلى الوسائل الديمقراطية المشروعة لتحقيق أهدافها
بعد احتلال العراق وتغيير نظامه تغير الشيء الكثير بهذا البلد، ما موقع الأكراد ضمن هدا التغيير؟ وهل من مكاسب تحققت لهم؟
بعد التغيير الذي حصل في العراق, فعلا تغير الشيء الكثير, وكنا كعراقيين وكورد نتمنى أن يتم التغيير بأيدي العراقيين أنفسهم لتفادي الاحتلال ومشاكله ونكسب الكثير من الدماء والدموع التي سالت سدى, وكان البلاد على شفى حرب أهلية طاحنة رغم أن الكورد كانوا دوما الخيمة التي حاولت جمع الفرقاء رغم ادعاءات البعض من المغرضين عكس ذلك, إلا أن الحالة الكوردية بشكل عام قد خطت بعض الخطوات إلى الأمام, ومنها الاعتراف الرسمي بإقليم كوردستان دستوريا, واعتماد النظام الفيدرالي في العراق كآلية مناسبة للعلاقة الاختيارية بين الشعبين الكوردي والعربي في العراق بعيدا عن الفرض والقهر والاستبداد, ألا أنه لازال هناك الكثير من المعوقات التي تقف في طريق استرداد الكورد لكامل حقوقهم وبالأخص تلك المناطق التي استقطعت من كوردستان (كركوك, وخانقين) وتم تعريبها من قبل النظام السابق, فلا تزال العقلية الشوفينية الإقصائية عند البعض في بغداد تتحكم فيها نفس الأطروحات الشوفينية والاستبدادية للنظام الدكتاتوري السابق والبعيدة كل البعد عن قيم الديمقراطية والمساواة, انطلاقا من الرؤية القومية الضيقة من جهة أو الدينية والطائفية من جهة أخرى
على صعيد شمال إفريقيا .كيف تقيمون نضالات الحركة الأمازيغية؟ وما مستقبلها في ظل استمرار التضييق على تنظيماتها ومناضليها؟
الحركة الأمازيغية تشهد تطورا نوعيا هذه الأيام ونلاحظ تصعيد نضالاتها الجماهيرية لإقرار حقوقها وهي تتصدى ببسالة لأساليب السلطات الحاكمة وتحاول في نفس الوقت توعية الجماهير العريضة صاحبة المصلحة الحقيقية للتغيير من أن وحدة الصف والكلمة والاستمرارية في النضال, هي التي سترغم المتسلطين على الرضوخ لمطالب الحركة الشعبية والتي هي حق مشروع ومسلوب, على السلطات الحاكمة أن تعترف بها بدءا بالحقوق الثقافية مرورا بالحقوق الإدارية و السياسية الكاملة وكفى تهميشا واقصاءا وإنكارا.
إلى أي حد سيساهم تدويل القضيتين الأمازيغية والكردية في تحقيق مطالب الأكراد والأمازيغ عوض التركيز على الجبهة الداخلية؟
الواقع أن الحركة الحقيقة يجب أن تنبع من الداخل وذلك بإنضاج الشروط الموضوعية ودفعها بالاتجاه الذي يخدم حركة التغيير المنشود عن طريق الضغط الجماهيري الواسع, ولكن ممارسة النضال على المستوى الدولي له أهميته أيضا نظرا لتغير الظروف الدولية بشكل عام لصالح الشعوب المضطهدة وزيادة فرص الاتصال والاحتكاك بين الشعوب, مما يضع السلطات الحاكمة أمام تساؤلات وضغوطات الرأي العام الدولي فيما يخص أساليب تعاملها مع المناضلين في الساحات العامة أثناء تظاهراتها أو اعتصاماتهم الجماهيرية أو في أقبية سجونها وسٌوًح محاكمها الصورية
في نظركم ما هي رهانات السنة المقبلة بالنسبة للأكراد وأمازيغ العالم؟
نحن متفائلون بمستقبل القضيتين الأمازيغية والكوردية لان العصر قد تغير كثيرا, وولى زمن قهر واستعباد الشعوب, وان شعبينا المناضلين قد امتلكا زمام المبادرة في المطالبة بحقوقها الشرعية وما ضاع حق وراءه مٌطالب, وفرصة طيبة في أن نستفيد من التجربتين النضاليتين لشعبينا التي تمتد قرنا من النضال الدموي والسلمي, وتعبده أهرامات من الجماجم وسيلا وانهار من الدماء
والدموع
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire