نظمت جمعية تافسوت للثقافة والتنمية بإمزورن بتنسيق مع مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، "ملتقى الربيع الأول للشعر الأمازيغي بالريف" يومي السبت والأحد 12-13 أبريل 2008، وقد كان الملتقى مناسبة للقاء بين نخبة من الباحثين الأكاديميين ونخبة من الشعراء الأمازيغيين بالريف، حيث ألقيت الأبحاث الأكاديمية على مسمع من الشعراء الريفيين كمواكبة نقدية لإبداعاتهم الشعرية المتراكمة، كما أصغى الأكاديميون الأمازيغ للشعر الأمازيغي النابض بالحياة مباشرة من أفواه مبدعيه وصناعه... مما شكل مناسبة فريدة من نوعها وحجمها في الريف، زادها تألقا وتوهجا اللحظات الحميمية التي واكبت فقرة تكريم حسن الفارسي المعروف بتذرين كواحد من أهرامات الإبداع الأمازيغي شعرا وموسيقى وبحثا لسانيا، هذا المبدع الذي كابد المشقات وعانى مختلف صنوف المعيقات وهو يجوب رحاب جبال الريف الصامدة بحثا عن الكلمة الموزونة بحثا عن "izran irifiyyen"
لقد تمكن حسن ثذرين من تجميع كم ضخم من التراث الشعري الأمازيغي الشفوي بالريف يعود تاريخه إلى فترات قديمة... وضعه في متناول الباحثين والدارسين الأكاديميين للإستفادة منه من خلال دراسته وتشريحه ونقده وإبراز مميزاته الجمالية والفنية
حسن ثذرين بكل تأكيد يستحق أكثر من هذا الملتقى لتكريمه، ويستحق أكثر من هذا لإعادة الاعتبار له كباحث بل كمدرسة موسيقية وشعرية وأكاديمية ظلت مغمورة في زمن كثرت فيه الانتهازية والوصولية والتغاضي عن المناضلين الحقيقيين وجنود الخفاء الذين يعملون ويشتغلون في الميدان
ابتدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة لمسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، وكلمة لجمعية تافسوت للثقافة والتنمية، استحضرت الكلمتين السياق العام للملتقى، وأهمية وراهنية البحث والدراسة في المتن الشعري الأمازيغي بالريف
كما أبدع الباحث صبري الحماوي في تقديم كلمته حول حسن ثذرين بلغة أمازيغية نالت إعجاب الجميع، ملخصا فيها بلغة أدبية حميمية حياة حسن تذرين وتجاربه الإبداعية واهتماماته البحثية في مجالات الشعر والموسيقى والبحث اللساني.. فيما كانت كلمة حسن ثذرين القصيرة والمؤثرة عبارة عن تلخيص لتجربته في البحث عن "izran" والصعوبات التي واجهته وكذا نماذج شعرية من التراث الذي تمكن من تجميعه مع تحليل لسياقه ودلالاته
إضافة إلى ما ورد أعلاه، تضمنت الجلسة الافتتاحية قراءة كلمة الأستاذ علي خداوي سفير منظمة شعراء العالم بتامزغا، والذي تعذر عليه الحضور لظروف شخصية طارئة
أما الجلسة الأولى والتي تناولت بعض الملامح الأساسية للشعر الأمازيغي بالريف، فقد كانت المداخلة الأولى فيها للأستاذ قسوح اليماني حول "توظيف التراث في الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف –شعر أحمد الزياني أنموذجا-" حيث أبرز الأستاذ المحاضر تجليات توظيف التراث الشعبي الأمازيغي في المتن الشعري لأحمد الزياني، من قبيل الأحاجي والحكايات، الحكم، الطقوس والتقاليد الاجتماعية
أما الباحث عبد المطلب الزيزاوي فقد تناول في عرضه "la poésie orale au rif" الملامح والقضايا الأساسية التي تناولها الشعرالأمازيغي الشفوي بالريف، حيث يتناول العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية، ويؤرخ لأحداث المنطقة خاصة المقاومة الريفية والأزمات الاقتصادية التي عرفها الريف، وكذا علاقات الحب والزواج، وغيرها من القضايا التي يزخر بها الابداع الشعري الأمازيغي الشفوي بالريف
الدكتور حسن بنعقية تناول في مداخلته "approche de la forme du poème rifaine" أهمية اللغة في القصيدة الأمازيغية حيث اعتبرها ركنا أساسيا وجوهريا، ومن ثم دعى إلى ضرورة إعادة هيكلة القصيدة الأمازيغية على هذا الأساس، كما تحدث الأستاذ عن مجموعة من التجارب التي يزخر بها الشعر الأمازيغي المكتوب
الدكتور مصطفى العداك تناول في مداخلته "les jeux de l’intertextualité dans la poésie moderne rifaine" التناص وحضور القيم الأخلاقية والثقافية في الشعر الأمازيغي، من حيث كون التناص هو عملية إعادة الكتابة، رمزية الكتابة... إحياء ما كان ميتا.. وأعطى على ذلك مثال قصيدة "buydunan" ، كما اشتغل على قصيدة أخرى لوليد ميمون للتدليل بشكل واضح على حضور عملية التناص في الشعر الأمازيغي بالريف
في المداخلة الخامسة، تناول الأستاذ محمد أسويق في مداخلته "الشعر الأمازيغي بين الامتداد التاريخي والإقصاء الرسمي" الأهمية التاريخية للشعر الأمازيغي والأدوار الطلائعية التي قام بها على مر التاريخ، والأمجاد التي واكبها الشاعر الأمازيغي وسجلها من جهةّ، ومن جهة أخرى الإقصاء الذي تعرض له والتهميش الذي كان ضحيته، حيث لم يحظى بالعناية التي كان يستحقها
بعد انتهاء المداخلات، كان للحضور موعد مع استراحة شاي قصيرة، بعدها استأنفت الأشغال لمناقشة العروض التي قدمها السادة الأساتذة، وهي المناقشة التي حاولت طرق بعض المواضيع التي لم يشر إليها الأساتذة المحاضرين، كما قدمت إضافات أخرى لتناول المتن الشعري الأمازيغي بالريف
يوم الأحد 13 أبريل 2008 استأنفت أشغال الملتقى صباحا بجلسة خاصة بالقراءات الشعرية، شارك فيها نخبة من الشعراء الأمازيغيين بالريف، من بينهم: فاظمة الورياشي- خالد المنصوري- عبد الله المنشوري- عبد الحميد اليندوزي- سعيد أبرنوص- عبد الحفيظ البوجدايني- محمد أسويق- رشيد الغرناطي- امحمد الموهوبي- علي أسكور- قسوح اليماني- عبد الخالق الحجيوي- ناصر بن صديق- حمادي حموتي- توفيق أسكور- عبد العالي بوستاتي- محمد بوشيح- محمود بلعشير.. إضافة إلى مفاجأة الملتقى وهي مشاركة فتيات أمازيغيات بأداء "izran n arays" وهي الفقرة التي نالت إعجاب الجميع وانتزعت التصفيقات الحماسية للحاضرين وتشجيعاتهم على تكرار مثل هذا الأداء لتراث إبداعي يتعرض للتهميش ومعرض للإندثار... فتحية أمازيغية لوردة، إكرام، نبيلة، وعواطف على أدائهن الرائع
في المساء كان الموعد مع الجلسة النظرية الثانية حول قضايا وتجارب من الشعر الأمازيغي بالريف، حيث كانت المداخلة الأولى للأستاذ فريد الحمداوي حول "إزران كظاهرة احتفالية بالريف" قدم فيها تعريفا لإزران، كما تحدث عن الطقوس المرافقة لإزران.. "ثامغرا" "أرايس" حيث المكان والشكل الذي تؤدى فيه "إزران"، متحدثا عن الجو العام الذي يواكب العرض وشخصيات الفرجة، ودور إمذيازن في الحفاظ على الموروث الثقافي بالريف
المداخلة الثانية كانت للدكتور خالد المنصوري حول "دور الشعر الأمازيغي المعاصر في تطوير الأغنية الأمازيغية الملتزمة" متحدثا عن العلاقة بين الشعر والغناء، والتطور التاريخي للشعر الأمازيغي، وعلاقة "إزران" بمجموعة من الأحداث التاريخية، كما قدم تعريفا للأغنية الملتزمة، وكذا تطور دور الفنان الأمازيغي.. و أهمية موضوعة الهوية في الأغنية الأمازيغية المعاصرة... هي أهم العناوين التي تناولتها محاضرة د. خالد المنصوري
الأستاذ عبد الرزاق العمري تناول في محاضرته "مستويات توظيف التاريخ في القصيدة الأمازيغية الحديثة بالريف" توظيف التاريخ في "إزران" حيث الحضور القوي للثورة الريفية بقيادة مولاي موحند، خاصة ملحمة "دهار أوبران"، حيث أن الشعر الأمازيغي بالريف غني في هذا المجال بالإحالات التاريخية ذات الارتباط بالمنطقة وأحداثها وبطولاتها، وقد استدل الأستاذ المحاضر بنماذج شعرية لكل من أحمد الزياني، فاظما الورياشي، وليد ميمون وكريم كنوف، وشاشا
المداخلة الرابعة كانت للأستاذ الباحث محمد بوكو حول "الصورة الرمزية في ديوان "zi radjagh n tamurt gha ru3ra ujenna" لوليد ميمون"، حيث تحدث عن خصائص الشعر الأمازيغي التقليدي وارتباطه بالرقص والغناء والشفهية، ثم انتقل لدراسة ديوان وليد ميمون مبرزا ما يزخر به من رموز طبيعية وثقافية وتاريخية وإديولوجية وكذا لصور من الثقافة الشعبية... ajjaj، asinu، thiri، imttawen
د. زاهية أفلاي التي كان مقررا أن تشارك في الملتقى ببحث حول "الشعر الأمازيغي بصيغة المؤنث: نموذج منطقة الريف" اعتذرت في آخر لحظة لظروف شخصية طارئة، وأرسلت مداخلتها مكتوبة للملتقى
نفس الشيء بالنسبة للدكتور بلقاسم الجطاري الذي كان مقررا أن يشارك بموضوع حول "المكان وتجلياته الدلالية في الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف" تعذر عليه الحضور أيضا لظروف خاصة
بعد انتهاء المداخلات وبعد حفلة شاي قصيرة، استمر النقاش بمداخلات الحضور الذين قدموا وجهات نظرهم وكذا تساؤلاتهم التي أغنت الندوة وأثرتها
وفي الختام كان موعد الحضور مع جلسة ختامية، تم خلالها قراءة التوصيات التي صدرت عن الملتقى –والتي جمعتها وصاغتها لجنة مكونة من ممثل عن مسلك الدراسات الأمازيغية وممثل عن جمعية تافسوت وأحد الأساتذة الباحثين وأحد الشعراء المشاركين في الملتقى-، كما قدم أحد الأساتذة الباحثين كلمة ختامية باسم مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب بوجدة عبر فيها عن فرحه بنجاح هذا النشاط المشترك بين الجمعية والمسلك، كما قدم أحد أعضاء مكتب جمعية تافسوت للثقافة والتنمية كلمة باسم الجمعية شكر فيها كل الحاضرين أفرادا وجمعيات، كما شكر فيها كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح هذا الملتقى ماديا ومعنويا، متعهدا باسم الجمعية بالعمل على ترسيخ هذا الملتقى كتقليد دائم ستحرص الجمعية على تنظيمه، كما ثمن مبادرة تأسيس اللجنة التحضيرية للإعداد لاتحاد للمبدعين الأمازيغيين بالريف على هامش هذا الملتقى
انتهى "ملتقى الربيع الأول للشعر الأمازيغي بالريف" بنجاح كبير على جميع المستويات التنظيمية والتأطيرية... ليبقى الرهان على إخراج أعمال الملتقى في القريب العاجل مطبوعة ومتاحة للعموم
وفي الختام لابد من الإشارة إلى التفاتة الجمعية نحو المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الأمازيغية، حيث خصصت رواقا خاصا بالمعتقلين السياسيين الأمازيغيين للتضامن معهم ودعمهم
وقد اختتم الملتقى بإصدار التوصيات التالية
:
توصيات "ملتقى الربيع الأول للشعر الأمازيغي بالريف
"
نظمت جمعية تافسوت للثقافة والتنمية بإمزورن بتنسيق مع مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة ملتقى الربيع الأول للشعر الأمازيغي بالريف يومي 12-13 أبريل 2008 بمركز الشباب بإمزورن، بحضور ومشاركة نخبة من الأساتذة الباحثين في الأدب الأمازيغي بالريف، وكذا نخبة من الشعراء الأمازيغيين بمنطقة الريف، مع إلقاء كلمة سفير منظمة شعراء العالم بتمازغا
لقد شكل هذا الملتقى الأول من نوعه وحجمه بمنطقة الريف، فرصة ومناسبة فريدة من نوعها، تم خلالها تدارس مجموعة من القضايا التي تهم الشعر الأمازيغي بالريف، وقراءات في الإنتاجات الشعرية الأمازيغية للشعراء الريفيين، مع تكريم الفنان الباحث حسن الفارسي (ثذرين
وحيث يعرف الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف تراكما إبداعيا واعدا رغم ما يعرفه من تعثرات، ارتأى المشاركون في الملتقى، خدمة للشعر الأمازيغي بالريف خاصة وبالمغرب وتمازغا عموما، وأيضا خدمة للمبدعين الأمازيغيين، تقديم التوصيات التالية:
- ضرورة تقديم الدعم المادي للشعراء الأمازيغيين وعموم المبدعين الأمازيغيين لمساعدتهم في نشر دواوينهم وإبداعاتهم الشعرية مع الاحتفاء بهم
- أهمية المواكبة الإعلامية للإبداع الشعري الأمازيغي
- أهمية وضرورة المواكبة النقدية للإبداع الشعري الأمازيغي
- دعوة المبدعين ذوي الإنتاج الأمازيغي لتأسيس هيئة أو إطار تنظيمي يجمعهم ويدافع عن مصالحهم. وفي هذا الصدد تم هامش الملتقى تأسيس لجنة للتهييئ لإنشاء اتحاد المبدعين بالريف
- للرفع من جمالية وقيمة الشعر والإبداع الأمازيغيين عموما لابد من ترسيم اللغة الأمازيغية ومأسستها
- دعوتنا لتكريس مثل هذه الملتقيات خدمة للإبداع والثقافة الأمازيغيين
- نهنئ الجهات المنظمة والفعاليات التي ساهمت من قريب أو بعيد في نجاح هذا الملتقى
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire