mercredi 6 février 2008

سيرة محمد بن عبد الكريم من مسقط رأسه بأجدير إلى القاهرة مثواه الأخير

من إعداد /جمعية ذاكرة الريف
بمناسبة الذكرى 45 لرحيل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، ومساهمة من جمعية ذاكرة الريف في التعريف بتاريخ ورموز الريف، تقدم الجمعية هذه الورقة الأولية حول الزعيم المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي
*إسمه:
عرف محمد بن عبد الكريم الخطابي بعدة أسماء وألقاب محليا ودوليا وارتبطت هذه الأسماء بفترات حياته ونضاله، إذ اشتهر في الريف بمولاي موحند، القائد موحند، السي موحند، ميس نسي عبد الكريم، الفقيه السي موحند، الرايس مولاي موحند، المجاهد الكبير، الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، واشتهر دوليا بعبد الكريم الخطابي وهو اسم والده الذي يعتمده عدد كبير من الباحثين. وأغلب الأسماء السابقة ارتبطت بجوانب من شخصيته ومهامه النضالية والإدارية، وأهم لقب كان هو لقب الأمير الذي أعطي له من قبل مؤتمر مندوبي القبائل يوم 18 يناير 1923 والذي أعلن فيه استقلال الريف وقيام الجمهورية الريفية وتشكيل مجلس ممثلي القبائل وعوض لقب الأمير لقب الفقيه الذي كان يحمله قبل معركة أنوال ولقب الرئيس الذي حمله بعدها * أسرته: مولاي موحند هو محمد بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الخطابي الورياغلي الريفي، وأسرة الخطابي سكنت أجدير بالقرب من خليج الحسيمة أمام جزيرة النكور، وعرف عن هذه الأسرة تفوقها في الاعتناء وتربية أبنائها وتعليمهم واشتهر أفرادها بالعلم والسياسة وشغلوا مناصب القيادة والقضاء وأحسنوا التصرف أثناء مزاولتهم لمهامهم إذ عرف عنهم الإخلاص والصدق والأمانة، وتميزت هذه الأسرة بالترابط العميق بين أفرادها مما أهلها للتغلب على المشاكل والصعاب التي واجهنها سواء في الريف قبل وخلال الثورة أو بعدها في المنفى بجزيرة لا رينيون أو أثناء الإقامة في مصر. * مراحل حياة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي: يقسم الباحثون حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى أربعة مراحل متمايزة فيما بينها: - تمتد الأولى من 1882 إلى 1918 وهي مرحلة الطفولة والتكوين والعمل في الإدارة الإسبانية. - تمتد الثانية من 1918 إلى 1926 وهي مرحلة حرب التحرير الريفية. - تمتد الثالثة من 27 ماي 1926 إلى ماي 1947 وهي مرحلة المنفى بلارينيون - تمتد الرابعة من ماي 1947 إلى 6 فبراير 1963 وهي المرحلة الثانية من المقاومة ضد الاستعمار والطغيان. مرحلة الطفولة والتكوين والعمل في الإدارة الإسبانية، 1882- 1918: عرفت هذه المرحلة ولادة محمد بن عبد الكريم الخطابي بأجدير سنت 1882، وبعد سنة من ولادته عين والده عبد الكريم قاضيا على أيث ورياغل، ولم تمنعه المهمة من الإشراف على تعليم إبنه دروس الدين والفقه واللغة ومبادئ التاريخ وعند بلوغه 20 سنة (في 1902) أرسله إلى فاس لمتابعة دروسه بالقرويين وفي سنة 1904 عاد إلى أجدير ليساعد والده في أعماه الخاصة، وفي 1906 عاد إلى فاس لاستكمال تعليمه وتنفيذ مهمة رسمية لدى المخزن في شأن الجيلالي الزرهوني(بوحمارة) وكان النقاش السياسي في فاس محتدما بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء والصراع بين عبد العزيز وعبد الحفيظ حول السلطة. وخلال هذه المرحلة(1906) كانت قناعة عبد الكريم الخطابي (الأب) ترى أن الحكمة والرأي السديدين يقتضيان التعاون مع إسبانيا التي تستطيع مساعدة الريف على النهوض بأوضاعه وإصلاحها، خاصة وأنها دولة جارة وفي نفس الوقت أضعف من أن تستطيع إخضاع الريف. وكانت هذه القناعة وراء إرسال عبد الكريم الخطابي لإبنيه محمد وامحمد أواخر 1906 إلى مليلية لمواصلة تعليمهم. وأثناء إشراف محمد بن عبد الكريم الخطابي على تدريس أبناء المغاربة بمليلية أثار نبوغه اهتمام الإسبان فعينوه أستاذا للغة الأمازيغية والعربية في الأكاديمية الحربية بمدينة مليلية، وعمل محررا للصفحة العربية في جريدة Tegegrama del Rif كما عمل كاتبا ومترجما ثم مساعدا لمدير مكتب الشؤون الأهلية بالمدينة. وفي سنة 1910 أصبح قاضيا بنفس المدينة فقاضيا للقضاة وحصل على عدة أوسمة ومكافآت( الصليبان الأحمر والأبيض للاستحقاق العسكري – ميدالية إفريقيا...). - لكن تأييده عند بداية الحرب العالمية الأولى – للمخططات الألمانية والتركية في المغرب ضد فرنسا ونجاح خصوم ومنافسين محليين لوالده في الإيقاع بينه وبين أسبانيا أدى إلى تعرضه للاعتقال السياسي من 6 شتمبر 1915 إلى مطلع غشت 1916. حاول خلالها الفرار ليلة 23 دجمبر 1915 لكن محاولته انتهت بكسر في رجله اليسرى. ورغم بطلان تهمة الخيانة العظمى التي ألصقت له، لم يطلق سراحه إلا بعد أن تعهد هو ووالده باستئناف التعاون مع أسبانيا التي تعهدت بتغيير سياستها تجاه الريف، وواصل بذلك عمله بمليلية إلى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث غادرها إلى مسقط رأسه أجدير في دجمبر 1918 خاصة بعد توجسه من التقارب الفرنسي الإسباني وبداية تنقية الأجواء بينهما مرحلة حرب الريف التحريرية، من دجمبر 1918 إلى 27 ماي 1926: عند عودة محمد بن عبد الكريم إلى أجدير أحجم عن الخوض في القضايا السياسية طيلة 1919. ومع بداية 1920 أصبح الجنرال سلفستري حاكما عاما على المنطقة، وحاول القيام بإنزال بحري في خليج الحسيمة دون جدوى، مما دفع به لاحتلال عدة مناطق في الريف الشرقي والزحف نحو الريف الوسط، وقد تصدى له القاضي عبد الكريم الذي أسس مركزا للمجاهدين في تفرسيت لكنه تعرض لتسميم، حسب أغلب المصادر، وعندما كان على فراش الموت خاطب إبنيه محمد وامحمد قائلا لهما: " إن لم تستطيعا الدفاع عن استقلال الريف وحقوقه فغادراه إلى مكان غيره" وبعد وفاة عبد الكريم الخطابي في 7 غشت 1920، حمل إبنه محمد مشعل المقاومة، فعقد في 20 شتمبر 1920 لقاء بأجدير جمع عددا كبيرا من زعماء قبيلة أيث ورياغل والفقيه محمد علي بولحيا التوزاني، خلص إلى ضرورة تجاوز الأحقاد والتصدي للأخطار المحدقة بأرض الريفيين ودينهم وأعراضهم. وأنشأ بعد ذلك مركز للمجاهدين بجبل/ جب القامة الذي تمت فيه لقاءات متواصلة بين زعماء القبائل الريفية خلال أبريل وماي 1921، أسفرت عن انتخاب محمد بن عبد الكريم قائدا عاما للمقاومة الريفية، التي حققت تحت قيادته أول انتصار كبير في معركة دهار أوبران أول يونيو 1921، ثم في موقع إغريبن يوم 17 يوليوز 1921 وبعد أربعة أيام تم اكتساح مركز أنوال بعد انسحاب فاشل للجيش الإسباني من هذا الموقع. وفي 2 غشت تمت السيطرة على جبل العروي، واتخذ محمد بن عبد الكريم قرارا أثار عدة تأويلات بعدم احتلاله مليلية، ليظل ما بقي من 1921 وطيلة 1922 في موقع دفاعي من الناحية العسكرية، وعمل على تنظيم المناطق المحررة سياسيا وعسكريا وإداريا مما ساعده على عقد مؤتمر عام يوم 18 يناير 1923 حضره مندوبون عن القبائل، أعلن عن استقلال لريف وقيام جمهوري الريف، وشكل مجلسا لممثلي القبائل وبايع محمد بن عبد الكريم أميرا، وشكل حكومة تحت رئاسته كما أصدر بيانا وجهه باسم جمهوري الريف إلى جميع الأمم داعي إياها إلى الاعتراف باستقلال جمهورية الريف من خط الحدود مع المغرب جنوبا حتى البحر المتوسط شمالا ومن وادي ملوية شرقا حتى المحيط الأطلنتي غربا، وإلى إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معها. وقام الأمير بعد ذلك بتوسيع نفوذه غربا خاصة بعد دخول قواته مدينة الشاون في دجمبر 1924 وأسرها لأحمد الريسوني في 24 يناير 1925، ليصبح بذلك الأمير الزعيم الوحيد شمال المغرب، واتسعت دولته لتشمل معظم المنطقة الخليفية، فوضع شبكة الهاتف للاتصال بين القيادة المركزية والجبهات المختلفة، وشبكة من الطرق تربط المناطق بالعاصمة أجدير، إضافة إلى إنشاء العديد من المحاكم. ودخل بعد ذلك في مواجهة مع فرنسا بعد استيلاء قواتها على أعالي ورغة التي كانت خارج نفوذها، فهاجم عليها يوم 12 أبريل 1925 فوصلت القوات الريفية إلى مشارف فاس. بعد ذلك بدأ التعاون الإسباني – الفرنسي إذ وقعا اتفاقا بينهما في 25 يونيو 1925 للقضاء على المقاومة الريفية بجميع الوسائل، حيث تم استخدام أسلحة حديثة متطورة بعضها محظور دوليا، ليقترفوا بذلك أحد أبشع الجرائم ضد الإنسانية باستعمال الغازات السامة التي استهدفت التجمعات السكنية والأسواق والمواسم، وعزلوا المنطقة مما أدى إلى نجاح القوات الإسبانية في إنزالها بخليج الحسيمة يوم 8 شتمبر 1925 واحتلال أجدير في 2 أكتوبر ونهبها وإحراق معظم مساكنها فأصبحت بذلك تركيست هي العاصمة. وأمام بشاعة الأساليب التي استعملتها القوتان المتحالفتان التي وصلت إلى حد إبادة الأطفال والشيوخ والنساء والعزل، أمام كل هذا، اضطر الأمير إلى الدخول في مفاوضات بين 22 أبريل و6 ماي 1926 مع فرنسا وإسبانيا، لكنها فشلت وتواصلت العمليات من جديد فتم احتلال ترجيست يوم 23 ماي فاضطر الأمير للجوء إلى اسنادة عند الشريف حميدو الوزاني، وبعد أربعة أيام من المفاوضات مع الفرنسيين قرر محمد بن عبد الكريم الاستسلام يوم 27 ماي 1927 مرحلة المنفى بلارينيون، من 27 ماي 1927 إلى 31 ماي 1947: بعد استسلام الأمير نقل إلى فاس التي وصلها يوم 1 يونيو 1926 رفقة أفراد عائلته ومرافقيه، وبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات حول مصير الأمير بين إسبانيا وفرنسا، امتنعت هذه الأخيرة عن تسليمه لإسبانيا ملتزمة بتعهداتها له، فتدخلت انجلترا واقترحت حلا وسيطا تمثل في نفي الأمير إلى جزيرة لاريونيون، فنقل إلى الدار البيضاء يوم 27 غشت 1926. وفي 2 شتمبر حمل رفقة عائلته على ظهر السفينة عبدة إلى لاريونيون التي وصلها في 10 أكتوبر 1926. وقد عانى الأمير وعائلته من الطقس غير الملائم بالجزيرة والأوبئة التي كانت تنتشر بها وخاصة الملاريا. ورغم وصول الاشتراكيين إلى الحكم بإسبانيا سنة 1931، إلا أنهم رفضوا الموافقة لوزارة الخارجية الفرنسية على إطلاق سراحه، ونفس الموقف اتخذه الديكتاتور الجنرال فرانكو الذي كان ألد أعداء الأمير، وذلك بعد انتصاره في الحرب الأهلية. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية قررت فرنسا نقل الأمير وعائلته إلى ترابها وذلك في فبراير 1947، ونفذت العملية في 3 ماي من نفس السنة، إذ غادر الأمير لاريونيون على متن الباخرة كاتومبا، وفي 31 ماي نزل الأمير وعائلته المكونة من 42 فردا بميناء بور سعيد في مصر، وطلب اللجوء السياسي بها، لتبدأ مرحلة جديدة من نضاله ضد الاستعمار والطغيان، بعد أزيد من 20 سنة من المنفى التي ظل خلالها مواكبا للتطورات السياسية العالمية عن كثب مرحلة النضال ضد الاستعمار والطغيان، من 31 ماي 1947 إلى 6 فبراير 2006: بعد فترة الاستشفاء والنقاهة التي قضاها الأمير في المستشفى الملكي ثم مستشفى المواساة بالإسكندرية، بدأ العمل والنضال في إطار مكتب "المغرب العربي" الذي أنشأه الزعماء المغاربيون بمصر، وكان حذرا في تعامله مع إطراف هذا المكتب، نتيجة تشككه في الأحزاب السياسية وعدم ثقته الكاملة في زعمائها، وخلال السبعة أشهر التي قضاها بالمكتب جدد اتصالاته مع رفاق السلاح الذين اشتغلوا تحت قيادته في حرب الرف التحريرية، وعمل على تأسيس لجنة "المغرب العربي" من الأحزاب التي أسست المكتب المذكور، إضافة إلى أحزاب أخرى وشخصيات مستقلة، وفي 05 يناير 1948 انتخب الأمير رئيسا لهذه اللجنة وشقيقه امحمد نائبا لها بصفة دائمة وبقية الأعضاء تم انتخابهم بصفة مؤقتة، وقد رفض خلال مدة اشتغاله باللجنة عدة عروض من دول أجنبية وعلى رأسها قطبي الحرب الباردة، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، التي حاولت تقيم دعم مشروط لمشروعه التحريري لشمال إفريقا. وأرسى قواعد اللجنة بالقاهرة وأنشأ فروعا لها بلبنان وسوريا، كما وجه عدة رسائل وموفدين إلى مختلف دول العالم الإسلامي لتعريفهم بدواعي وأهداف تأسيس اللجنة. وبموازاة ذلك عمل على تكوين جيش تحرير المغرب الكبير من قدماء المقاومين ومن المتطوعين المغاربيين في حرب فلسطين سنة 1948، والفارين من التجنيد في الجيش الفرنسي بحرب الهند الصينية، والطلبة الوافدين على المشرق للدراسة والحجاج، فأرسل بعثات طلابية إلى الكليات العسكرية بالعراق وسوريا لتكوين ضباط عسكريين، كما أشرف على معسكرات تدريبية بمصر، وأعد الخطة العسكرية الكفيلة بتحرير المغرب الكبير بشكل شامل، بتوحيد المقاومة وتكثيفها في تونس والجزائر والمغرب. لكن طغيان المصالح الحزبية الضيقة وظهور الصراعات بين الزعامات، دفعت الأمير إلى إحداث قطيعة مع لجنة تحرير " المغرب العربي" ودفع في اتجاه انطلاقة اعمل المباشر الميداني الكفاحي في تحد للزعامات السياسية المعتمدة على المهادنة. وكان لتزامن عمليات جيش التحرير الأولى في المغرب والجزائر التأثير البارز على فرنسا، التي سعت إلى التخلي عن تونس والمغرب للإبقاء على الجزائر، وهو المر الذي تناغم مه انتهازية ووصولية الزعامات السياسية الحزبية بهذين البلدين، فتم الالتفاف على جيش التحرير بتونس والمغرب، والتوقيع على اتفاقيات استسلامية مع الالتزام بتصفية جيش التحرير وهو ما أنتج استقلالا أعرجا بالبلدين، وواصل الأمير دعمه للحرب التحريرية في الجزائر، كما ناهض اتفاقية إيكس ليبان التي اعتبرها خيانة للشعب المغربي ومقاومته، واعتبر أن المغرب أخطأ الطريق الصحيح، وقد زاد من حدة موقفه ما حصل في الريف أواخر 1958 وبداية 1959 من قمع للثورة الشعبية العارمة، وعمل على فضح مختلف الفضاعات والخروقات التي اقترفتها الدولة والملشيات الحزبية ضد المواطنين العزل. ومن جهة أخرى رفض دستور 1962 ومشاريع العودة إلى المغرب ما لم يتمتع باستقلال حقيقي ويرحل عنه أخر جندي أجنبيوبقي الأمير على نهج المقاومة ثابتا لا يلين ولا يستكين إلى أن اسلم روحه يوم 6 فبراير 1963 ليدفن في مقبرة الشهداء بالعباسية في مصر جمعية ذاكرة الريف

Aucun commentaire: