dimanche 19 octobre 2008

بعض المدن التاريخية بساحل الريف الأوسط بين حياتها و إشعاعها في الماضي ، و تعرض مواقعها الأثرية للعبث و للمحو و للنكران في الأمس والحاضر : مدينة المزمة

بقلم الباحث والمناضل الأمازيغي قسوح اليماني
*** التسمية
كم هي الصعوبات التي يصادفها الباحث حينما يود معرفة أصل أسماء المواقع والأماكن التاريخية والجغرافية ودلالتهما، نظرا لسكوت المصادر واضطراب العلومات التي تقدمها في هذا الإطار، فضلا عن كثرة التصحيفات بفعل النقل والجهل بلسان المناطق التي يدون أصحاب هذه المصادر تاريخها، أوضعف الإلمام به، وبكيفية كتابته بحروف لغتهم التي قد لاتلائم وقد لا تستوعب المستوى الصوتي لمخارج الأصوات والتلفظ والنطق المميز للسان تلك المناطق، فتضيع الكثير من الحقائق
تعرف المدينة في المصادر العربية التي تناولتها أو ذكرتها ب"المزمة" نسبة للجزيرة السالفة الذكرالتي تقابلها، أي أن هذه الأخيرة هي التي أعطت إسمها للمدينة[i]. ويذكر"Patrice CRESSIER أن جميع الخرائط البحرية المهتمة بالسواحل منذ القرن 16 م تذكر المزمة مكتوبة بكلمات متنوعة من حيث الصياغة مثلAlbouzeme,Buzemma, AL mazimma,Mezemma,Motzama,Mzamma,etc[ii]
أما عن دلالة هذااللفظ/الإسم " المزمة"، فالباحث يشير إلى أنه لفظ عربي مشتق من « al-H’ ouzama » الذي يعني:" الخزامى" « la lavande » حسب (L.Massignon,p.244)، بينما يعطي " C.Moran Bardon " للكلمة معنى آخريفيد: الرغبة أوالشوق أوالأمنية أي مايقابل الكلمة الفرنسية "désirée " (Antiguas Poblaciones,p.39)[iii] نفس التأويل نجده عند البوعياشي الذي ذكر رواية مجهولة المصدر جاء فيها: " (...)يقال أن الإسم عربي مصحف عن الخزامى، إسم لعشب كان ينبت في تلك الجهة، ولما وصل العرب في الفتح الأول وجدوه بكثرة، سمو المدينة به، وهكذا بالميم والزاي والميم، وفي بعض هوامش التاريخ المذمة بالذال وهو خطأ صراح، لأن أسماء الأعلام تنضبط بالنقل، وبه تثبت، فألسنة الأهالي لازالت تنقل خلفا عن سلف تسمية مرافق هذه المدينة باسم المزمة فهذه ساقية المزمة (...)، وكان من جملة محاكم ابن عبد الكريم" محكمة المزمة" الي كانت تعتبر المحكمة الرئيسية لقبيلة بني ورياغل(...)، وأما لفظة مذمة بالذال، فإنه تحريف لحرف الزاي إلى الذال وهما كثير الشبه"[iv]
يحق لنا أن نتساءل عن العلاقة بين كلمتي الخزامى و المزمة من حيث الكتابة ومن حيث الدلالة من أجل الكشف عن مستوى الحقيقة التي تنطوي عليها مثل هذه القراءات السالفة الذكر. يتمثل المشترك بين الكلمتين في حرفي "الزين" و " الميم" مع وجود ألف فاصل بينهما في الكلمة الأولى وانتفائه في الثانية، التي ينتفي منها أيضا حرف "الخاء" الذي تبتدئ به الكلمة الأولى، ويبدو لي أن هذا لايعتبر تصحيفا وإنما محاولة للإيهام بذلك حتى يقبل المتلقي التفسير المقدم للكلمة الذي يظل في آعتقادي مجانبا للصواب، لأن التصحيف في الكلمة يعني الخطأ في قراءتها أوتحريفها عن وضعها. وحتى إذا أقررنا بكون المنطقة ينمو فيها نبات الخزامى، فالسكان الذين تكشف عنهم المصادرالعربية التي تحدثت عن المنطقة هم أنفسهم الذين يطلقون على النبتة نفسها إسم . Azirأما القول أن العرب الفاتحين الأوائل للمنطقة هم الذين سموالمدينة بهذا الإسم، فيبدو لي أنه في حاجة إلى مراجعة في ظل نتائج الدراسة التي أنجزها الأستاذ أحمد الطاهري في كتابه الموسوم "إمارة بني صالح في بلاد نكور". وتجدر الإشارة إلى أن السكان بالمنطقة يتلفظون إسم المدينة بالصيغة التالية: « REMZEMMETH » وهي كلمة نجد لها دلالات تحيلنا على معاني قد تدفعنا لقبول كيفية إطلاق هذا الإسم على المدينة سواء في اللغة المتداولة على مستوى الريف، أم في اللغة العربية. فجذر الكلمة في الريفية المتداولة بالمنطقة هو:ZM" يقال :Zemmem,izemmem,wa yzemmem,it zemmam, ad izemmem أي: قيد وسجل في العربية وفي الفرنسية:inscrire,enregistrer,écrire,noter[v] . ولجذر كلمة "زم" بتشديد الميم في اللغة العربية معاني تفيد: ربط وشد . ويظهر آنطلاقا من هذه المعاني والدلالات ما ينطبق مع الخصائص والمميزات التي إتسمت بها المزمة وخاصة مرساها من وسق للسلع نحو الآفاق وآستقبال مراكب التجارالمسفرة للبضائع بآعتباره أبرزمحطة تجارية بمجموع الحوض الغربي للبحر المتوسط، على الأقل إلى حدود القرن الرابع الهجري[vi]. ولعل مثل هذا الدور يتطلب الدراية والإلمام بمهمة التقييد والتسجيل والشحن و"التزميم"،من هذا الفعل المرتبط بالنشاط التجاري الذي ميز المرسى الذي أفرز المدينة استقت وآستوحت هذه الأخيرة إسمها . ومن الجديرالإشارة هنا إلى انفراد مؤرخ الموحدين البيدق برواية تنسب للخليفة الموحدي عبد المومن تغيير إسم "مدينة المزمة " لدى دخوله إليها بوسمها باللسان الأمازيغي:[vii] « Taghzut n zalut » أو « thaghzuyth n thazrut »
الهوامش
- أحمد الطاهري، مرجع سابق، ص:135.[i] [ii] - Patrice GRESSIER ; Prospection archéologique dants le RIF( zone de l’ancien royaume de Nakur ) , Thèse de troisiéme cycle presentée a l’université Paris, sorbonne,p : 140 يثير الباحث في الهامش رقم:2 ص:140 دلالة الإسم من وجهة نظره ورأي بعض الباحثين الآخرين
[iii]- ibid. P :140,( marge :2)
[iv]- أحمد البوعياشي، حرب الريف التحريرية ومراحل النضال. ج:1، مطبعة دار أمل طنجة ، ط:1 ،1974 ،ص:171
[v]- Mohammed SERHOUAL ; Dictionnire tarifit-français. Thèse de doctorat d’Etat ès lettre option : linguistique ; Université Abdelmalek Essaàdi, Tétouan, 2001-2002,Racine :ZM ;p : 684
- أحمد الطاهري، مرجع سابق، ص:183.[vi] - المرجع نفسه، ص:137، هامش رقم:70

Aucun commentaire: